كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ عَنْ الْفَجْرِ (وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَالْوَجِيزُ، وَالْمُنَوِّرُ، وَالْمُنْتَخَبُ، وَتَجْرِيدُ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. فَعَلَى هَذَا: يُكْرَهُ التَّأْخِيرُ إلَى الْإِسْفَارِ بِلَا عُذْرٍ. وَعَنْهُ إنْ أَسْفَرَ الْمَأْمُومُونَ فَالْأَفْضَلُ: الْإِسْفَارُ. وَالْمُرَادُ أَكْثَرُ الْمَأْمُومِينَ وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ فِي الْمُبْهِجِ وَنَصَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ الْإِسْفَارُ مُطْلَقًا أَفْضَلُ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: أَطْلَقَهَا بَعْضُهُمْ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَغَيْرِهِ: وَعَنْهُ الْإِسْفَارُ أَفْضَلُ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا الْحَاجُّ بِمُزْدَلِفَةَ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ: يَقْتَضِي أَنَّهُ وِفَاقٌ. قُلْت: وَهُوَ عَيْنُ الصَّوَابِ، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ الرِّوَايَةَ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَرْفَقُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ الْإِسْفَارَ مَعَ حُضُورِهِمْ، أَوْ حُضُورِ بَعْضِهِمْ. أَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ الْجِيرَانُ كُلُّهُمْ، فَالْأَوْلَى هُنَا: التَّأْخِيرُ بِلَا خِلَافٍ، عَلَى مُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ. وَقَالَ: نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ، بَلْ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَجَوَازٍ. كَمَا فِي الْمَغْرِبِ وَالظُّهْرِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنِ تَمِيمٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَيُكْرَهُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ بِلَا عُذْرٍ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ. وَجَعَلَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ: لَهَا وَقْتَيْنِ، وَقْتُ اخْتِيَارٍ، وَهُوَ إلَى الْإِسْفَارِ، وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ، وَهُوَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ. قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ بِلَا عُذْرٍ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ اخْتِيَارِ الْأَوْلَى فِي اخْتِصَامِ الْمَلَاءِ الْأَعْلَى: وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ.

الصفحة 438