كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا إذَا تَابَ لَا يَشْرَعُ لَهُ قَضَاؤُهَا. وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ، بَلْ يُكْثِرُ مِنْ التَّطَوُّعِ. وَكَذَا الصَّوْمُ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَوَقَعَ فِي كَلَامِ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِعْلُهَا إذَا تَرَكَهَا عَمْدًا. مِنْهُمْ الْجُوزَجَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْبَرْبَهَارِيُّ، وَابْنُ بَطَّةَ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ فِي بَدَنِهِ أَوْ فِي مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا. فَإِنْ تَضَرَّرَ بِسَبَبِ ذَلِكَ سَقَطَتْ الْفَوْرِيَّةُ نُصَّ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ (مُرَتَّبًا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَعَنْهُ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ. قَالَ فِي الْمُبْهِجِ: التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ وَاخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَمَالَ إلَى ذَلِكَ. وَقَالَ: كَانَ أَحْمَدُ لِشِدَّةِ وَرَعِهِ يَأْخُذُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بِالِاحْتِيَاطِ، وَإِلَّا فَأَجَابَ سِنِينَ عَدِيدَةً بِبَقَاءِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَائِتَةٍ فِي الذِّمَّةِ: لَا يَكَادُ يَقُومُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ قَوِيٌّ. قَالَ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَعْيَانِ شُيُوخِنَا الْحَنْبَلِيِّينَ: أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ، وَسَأَلَهُ عَمَّا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ: أَيُّهَا أَرْجَحُ؟ قَالَ: فَفَهِمْت مِنْهُ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى رُجْحَانِ مَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ. انْتَهَى.
وَقِيلَ: يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَقَطْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَجِبُ التَّرْتِيبُ. وَلَا يُعْتَبَرُ لِلصِّحَّةِ. وَلَهُ نَظَائِرُ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ كَثُرَتْ الْفَرَائِضُ الْفَوَائِتُ، فَالْأَوْلَى تَرْكُ سُنَنِهَا. . قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمَا. وَاسْتَثْنَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ سُنَّةَ الْفَجْرِ. وَقَالَ: لَا يُهْمِلُهَا. وَقَالَ فِي الْوِتْرِ: إنْ شَاءَ قَضَاهُ، وَإِنْ شَاءَ فَلَا. وَنَقَلَ مَهَنَّا: يَقْضِي سُنَّةَ

الصفحة 443