كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

قَالَهُ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقِيَاسُ الْجَوَازِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا: نَقْلُ حُكْمِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ إلَى الْمَسْكُوتِ عَنْهُ، إذَا عُدِمَ الْفَرْقُ الْمُؤَثِّرُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ النَّظَرِ الْبَالِغِ مِنْ أَهْلِهِ. انْتَهَى.
قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ فِيهَا، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ.
فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى لَا تَكُونُ إلَّا فِي نَصَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ. وَأَمَّا التَّخْرِيجُ وَحْدَهُ: فَهُوَ أَعَمُّ. لِأَنَّهُ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الشَّرْعِ، لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ بَنَى فَرْعًا عَلَى أَصْلٍ بِجَامِعٍ مُشْتَرَكٍ.
فَائِدَةٌ:
إذَا صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ عَنْهُ. فَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً: أَوْمَأَ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ، وَجَلَسَ عَلَى قَدَمَيْهِ، قَوْلًا وَاحِدًا. قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي. وَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً: فَكَذَلِكَ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَمَنْ مَحَلُّهُ نَجِسٌ بِضَرُورَةٍ أَوْمَأَ، وَلَمْ يُعِدْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. فَقَالَ: يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. نَصَّ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ كَمَنْ صَلَّى فِي مَاءٍ وَطِينٍ.
قَالَ الْقَاضِي: يَقْرُبُ أَعْضَاؤُهُ مِنْ السُّجُودِ. بِحَيْثُ لَوْ زَادَ شَيْئًا لَمَسَّتْهُ النَّجَاسَةُ. وَيَجْلِسُ عَلَى رِجْلَيْهِ، وَلَا يَضَعُ عَلَى الْأَرْضِ غَيْرَهُمَا. وَعَنْهُ يَجْلِسُ وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ: هِيَ الصَّحِيحَةُ. وَهِيَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْمُذْهَبِ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ سَتَرَهَا) إنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ لَا تَكْفِي إلَّا الْعَوْرَةَ فَقَطْ، أَوْ مَنْكِبَيْهِ فَقَطْ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ، وَيُصَلِّي قَائِمًا. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وَقَالَ الْقَاضِي: يَسْتُرُ مَنْكِبَيْهِ وَيُصَلِّي جَالِسًا. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهُوَ بَعِيدٌ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى سُتْرَةٍ تَتَّسِعُ أَنْ يَتْرُكَهَا عَلَى كَتِفَيْهِ وَيَشُدَّهَا مِنْ وَرَائِهِ

الصفحة 462