كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَعَنْهُ يَتَرَبَّعُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ: نُصَّ عَلَيْهِ. قُلْت: وَهُوَ بَعِيدٌ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ.
الثَّانِيَةُ: حَيْثُ صَلَّى عُرْيَانًا، فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ إذَا قَدَرَ عَلَى السُّتْرَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَأَلْحَقَهُ الدِّينَوَرِيُّ بِعَادِمِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَجَدَ السُّتْرَةَ قَرِيبَةً مِنْهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ) يَعْنِي قَرِيبَةً عُرْفًا (سَتَرَ وَبَنَى، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً عُرْفًا سَتَرَ وَابْتَدَأَ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ يَبْنِي مُطْلَقًا. وَقِيلَ: لَا يَبْنِي مُطْلَقًا. وَقِيلَ: إنْ انْتَظَرَ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهَا لَمْ تَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُ انْتِظَارُ وَاجِدٍ كَانْتِظَارِ الْمَسْبُوقِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إذَا قَدَرَ عَلَى السُّتْرَةِ فِي الصَّلَاةِ، فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ أَوْ يَبْنِي؟ يُخَرَّجُ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ. وَجُوِّزَ لِلْأَمَةِ إذَا عَتَقَتْ فِي الصَّلَاةِ: الْبِنَاءُ مَعَ الْقُرْبِ، وَجْهًا وَاحِدًا.
فَائِدَةٌ:
لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ صَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَصَلَّتْ كَذَلِكَ عَاجِزَةً عَنْ سُتْرَةٍ عَتَقَتْ. وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ. وَمَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ تَصِحُّ الصَّلَاةُ، دُونَ الْعِتْقِ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: حُكْمُ الْمُعْتَقَةِ فِي الصَّلَاةِ حُكْمُ وَاجِدِ السُّتْرَةِ فِي الصَّلَاةِ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَتَفْصِيلًا عَلَى الصَّحِيحِ. وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ حَامِدٍ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَلَوْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ فِي الصَّلَاةِ، فَهِيَ كَالْعُرْيَانِ يَجِدُ السُّتْرَةَ، لَكِنَّ حُكْمَهَا فِي الْبِنَاءِ مَعَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ كَمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ. وَكَذَا إنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ سِتْرًا لَهُ وَاحْتَاجَ إلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ. بِخِلَافِ الْعَارِي. إذْ الصَّحِيحُ فِيهِ عَدَمُ تَخْرِيجِهِ عَلَى مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ. انْتَهَى.
وَلَوْ جَهِلَتْ الْعِتْقَ، أَوْ وُجُوبَ السُّتْرَةِ، أَوْ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ: لَزِمَهَا الْإِعَادَةُ. كَخِيَارِ مُعْتَقَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ.

الصفحة 466