كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

الثَّانِيَةُ: لَوْ طُعِنَ فِي دُبُرِهِ، فَصَارَتْ الرِّيحُ تَتَمَاسَكُ فِي حَالِ جُلُوسِهِ. فَإِذَا سَجَدَ خَرَجَتْ مِنْهُ: لَزِمَهُ السُّجُودُ بِالْأَرْضِ، نُصَّ عَلَيْهِ، تَرْجِيحًا لِلرُّكْنِ عَلَى الشَّرْطِ لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ. وَخَرَّجَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُ: أَنَّهُ يُومِئُ بِنَاءً عَلَى الْعُرْيَانِ. وَقَوَّاهُ هُوَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَتَقَدَّمَ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ فِي الْحَيْضِ، بَعْدَ قَوْلِهِ " وَكَذَلِكَ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ ".

قَوْلُهُ (وَيُصَلِّي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وُجُوبًا. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ.
(وَإِمَامُهُمْ فِي وَسَطِهِمْ) ، الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ إمَامَ الْعُرَاةِ يَجِبُ أَنْ يَقِفَ بَيْنَهُمْ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِمْ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ بَطَلَتْ. وَعَلَى الثَّانِي: لَا تَبْطُلُ. وَلَوْ كَانَ الْمَكَانُ يَضِيقُ عَنْهُمْ صَفًّا وَاحِدًا: صَلَّى الْكُلُّ جَمَاعَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَثُرَتْ صُفُوفُهُمْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ. وَقِيلَ: يُصَلُّونَ جَمَاعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ. كَالنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي. وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ رَزِينٍ: فَإِنْ لَمْ يَسَعْهُمْ صَفٌّ وَاحِدٌ وَقَفُوا صُفُوفًا، وَغَضُّوا أَبْصَارَهُمْ، وَإِنْ صَلَّى كُلُّ صَفٍّ جَمَاعَةً فَهُوَ أَحْسَنُ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَوْ كَانَتْ السُّتْرَةُ لِوَاحِدٍ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا. فَلَوْ أَعَارَهَا وَصَلَّى عُرْيَانًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. وَيُسْتَحَبُّ إعَارَتُهَا بَعْدَ صَلَاتِهِ وَصَلَّى بِهَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ. فَإِنْ خَافُوا خُرُوجَ الْوَقْتِ دُفِعَتْ السُّتْرَةُ إلَى مَنْ يُصَلِّي فِيهَا إمَامًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَيُصَلِّي الْبَاقِي عُرَاةً. وَقِيلَ: لَا يُقَدَّمُ الْإِمَامُ بِالسُّتْرَةِ، بَلْ يُصَلِّي فِيهَا

الصفحة 467