كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

يَرْفَعُ حَدَثَ الرَّجُلِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، فَحُكِمَ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ أَوَّلًا. ثُمَّ هَلْ يَكُونُ طَهُورًا مَعَ كَوْنِهِ طَاهِرًا؟ حَكَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهَذَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمَ فِي قَوْلِهِ " فَهُوَ طَاهِرٌ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَهَلْ يَكُونُ طَهُورًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ " وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ. وَلَا تَنَاقُضَ فِيهِ، لِكَوْنِهِمْ ذَكَرُوا أَنَّهُ طَاهِرٌ. وَمَعَ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ طَهُورًا؟ حَكَوْا الْخِلَافَ. فَهُوَ مُتَّصِفٌ بِصِفَةِ الطَّاهِرِيَّةِ بِلَا نِزَاعٍ. وَهَلْ يُضَمُّ إلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ الطَّهُورِيَّةُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ الطَّهَارَةُ بِهِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) . وَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ. وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هِيَ أَشْهَرُهُمَا عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ: لَا يَرْفَعُ حَدَثَ الرَّجُلِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَابْنِ عُبَيْدَانَ: هِيَ الْمَشْهُورَةُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهَا أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ، هِيَ أَضْعَفُ الرِّوَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ مُطْلَقًا كَاسْتِعْمَالِهِمَا مَعًا فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، اخْتَارَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالطُّوفِيُّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمَجْدِ فِي الْمُنْتَقَى، وَابْنِ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي الشَّرْحِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَهُوَ أَقْيَسُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ. فَعَلَيْهَا لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ. وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ الْآجُرِّيِّ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ.
فَائِدَةٌ:
مَنْعُ الرَّجُلِ مِنْ اسْتِعْمَالِ فَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ تَعَبُّدِيٌّ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ، نُصَّ عَلَيْهِ. وَلِذَلِكَ يُبَاحُ لِامْرَأَةٍ سِوَاهَا وَلَهَا التَّطَهُّرُ بِهِ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ مَخْصُوصٌ بِالرَّجُلِ. وَهُوَ غَيْرُ مَعْقُولٍ. فَيَجِبُ قَصْرُهُ عَلَى مُورِدِهِ.

الصفحة 48