كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، كَمَا لَوْ خَافَ التَّلَفَ. وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ غَطَّاهُ اللَّحْمُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ. وَإِذَا لَمْ يُغَطِّهِ اللَّحْمُ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ لَهُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ.
فَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ التَّيَمُّمُ. وَلَوْ مَاتَ مَنْ يَلْزَمُهُ قَلْعُهُ: قُلِعَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ غَطَّاهُ اللَّحْمُ لَمْ يُقْلَعْ لِلْمَثُلَةِ. وَإِلَّا قُلِعَ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: يُقْلَعُ، سَوَاءٌ لَزِمَهُ قَلْعُهُ أَمْ لَا. قَوْلُهُ (فَإِنْ سَقَطَتْ سِنُّهُ فَأَعَادَهَا بِحَرَارَتِهَا، فَثَبَتَتْ. فَهِيَ طَاهِرَةٌ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَعَنْهُ أَنَّهَا نَجِسَةٌ، حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَظْمِ النَّجِسِ إذَا جَبَرَ بِهِ سَاقَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: إنْ ثَبَتَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ طَاهِرٌ، وَإِنْ تَغَيَّرَ فَهُوَ نَجِسٌ يُؤْمَرُ بِقَلْعِهِ. وَيُعِيدُ مَا صَلَّى مَعَهُ. وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَطَعَ أُذُنَهُ فَأَعَادَهُ فِي الْحَالِ. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ شَرِبَ خَمْرًا، وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ: غَسَلَ فَمَهُ وَصَلَّى، وَلَمْ يَلْزَمْهُ قَيْؤُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ يَلْزَمُهُ، لِإِمْكَانِ إزَالَتِهَا.

قَوْلُهُ (وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ وَالْحَمَّامِ وَالْحُشِّ وَأَعْطَانِ الْإِبِلِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هُوَ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَعَنْهُ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ لَمْ تَصِحَّ، وَإِلَّا صَحَّتْ. وَعَنْهُ تَحْرُمُ الصَّلَاةُ فِيهَا. وَتَصِحُّ. قَالَ الْمَجْدُ: لَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ لَفْظًا بِالتَّحْرِيمِ مَعَ الصِّحَّةِ. وَعَنْهُ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا. وَقِيلَ: إنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ، صَحَّتْ. وَقِيلَ: إنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ بِحَالٍ، وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ. ذَكَرَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ.
قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ: لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي مَوَاضِعِ النَّهْيِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ. وَتَصِحُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ.
هَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُحَقِّقِينَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ يَحْكِي الْخِلَافَ فِي الصِّحَّةِ، مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ. انْتَهَى.

الصفحة 489