كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

بُنِيَ فِي سَاحَةٍ طَاهِرَةٍ، وَجُعِلَتْ السَّاحَةُ مَقْبَرَةً جَازَتْ؛ لِأَنَّهُ فِي جِوَارِ مَقْبَرَةٍ. وَلَوْ حَدَثَ طَرِيقٌ بَعْدَ بِنَاءِ مَسْجِدٍ عَلَى سَابَاطٍ: صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: لَا يُصَلَّى فِيهِ. ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ. وَقَالَ الْقَاضِي: قَدْ يُتَوَجَّهُ الْكَرَاهَةُ فِيهِ.
الثَّالِثَةُ: يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ، مِمَّنْ أَطْلَقَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا فِي الطَّرِيقِ وَحَافَّتَيْهَا. فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِلضَّرُورَةِ، نُصَّ عَلَيْهِ، كَذَا تَصِحُّ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي الطَّرِيقِ، وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ: تَصِحُّ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَالْجَنَائِزِ وَالْأَعْيَادِ وَنَحْوِهَا بِحَيْثُ يُضْطَرُّونَ إلَى الصَّلَاةِ فِي الطُّرُقَاتِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: تَصِحُّ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ. وَقِيلَ: صَلَاةُ الْعِيدِ وَالْجَنَائِزِ وَالْكُسُوفَيْنِ. وَقِيلَ: وَالِاسْتِسْقَاءِ فِي كُلِّ طَرِيقٍ. وَقَالَ فِي الصُّغْرَى: تَصِحُّ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَقِيلَ: الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ فِي طَرِيقٍ، وَمَوْضِعِ غَصْبٍ. وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى صِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ. وَخُصَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ بَعْدَ إمَامَةِ الْفَاسِقِ. وَيَأْتِي هُنَاكَ أَيْضًا بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا.
الرَّابِعَةُ: مَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ: صَلَّى فِيهَا. وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ مُتَفَرِّقًا، كَمَنْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَنَحْوِهِ.
قُلْت: قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ: تَقْتَضِي أَنَّهُ يُعِيدُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: إنْ عَجَزَ عَنْ مُفَارَقَةِ الْغَصْبِ صَلَّى، وَلَا إعَادَةَ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، قَوْلُهُ (وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَيْهَا) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا مَعَ الْكَرَاهَةِ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ. وَعَلَيْهِ

الصفحة 494