كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

صَلَّى خَارِجَهُ لَكِنْ سَجَدَ فِيهِ: صَحَّتْ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ، وَالْحَاوِي. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبِ الْحَاوِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُخْتَصَرِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ. قَوْلُهُ (وَتَصِحُّ النَّافِلَةُ إذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: صِحَّةُ صَلَاةِ النَّافِلَةِ فِيهَا وَعَلَيْهَا، بِشَرْطِهِ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا.
قُلْت: وَهُوَ بَعِيدٌ. وَعَنْهُ إنْ جَهِلَ النَّهْيَ صَحَّتْ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ فِيهَا إنْ نَقَصَ الْبِنَاءُ وَصَلَّى إلَى مَوْضِعِهِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ النَّفَلُ فَوْقَهَا. وَيَصِحُّ فِيهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ. وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَلَا يَصِحُّ نَفْلٌ فَوْقَهَا فِي الْأَصَحِّ. وَيَصِحُّ فِيهَا فِي الْأَصَحِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْخُلَاصَةِ. فَإِنَّهُ قَالَ: وَيُصَلِّي النَّافِلَةَ فِي الْكَعْبَةِ، وَكَذَا فِي الْمُنَوِّرِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " إذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا " أَنَّهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ شَاخِصٌ مِنْهَا: أَنَّهَا تَصِحُّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَاخِصٌ مِنْهَا: صَحَّتْ صَلَاتُهُ. وَالشَّاخِصُ كَالْبِنَاءِ، وَالْبَابِ الْمُغْلَقِ، أَوْ الْمَفْتُوحِ، أَوْ عَتَبَتِهِ الْمُرْتَفِعَةِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى الْبَابِ إذَا كَانَ مَفْتُوحًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ شَاخِصٌ مِنْهَا فَتَارَةً يَبْقَى بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِمَّنْ فِي الْبَيْتِ إذَا سَجَدَ، وَتَارَةً لَا يَبْقَى شَيْءٌ، بَلْ يَكُونُ سُجُودُهُ عَلَى مُنْتَهَاهُ. فَإِنْ كَانَ سُجُودُهُ عَلَى مُنْتَهَى الْبَيْتِ، بِحَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ: فَهَذَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا، بَلْ هُوَ إجْمَاعٌ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا إذَا سَجَدَ، وَلَكِنْ مَا ثَمَّ شَاخِصٌ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا الصِّحَّةُ، وَهُوَ أَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْفُرُوعِ، وَالْوَجْهَيْنِ لِأَكْثَرِهِمْ. وَعِبَارَتُهُ

الصفحة 497