كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

وَأَبُو نَصْرٍ، وَقِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ يَسِيرِ الرَّائِحَةِ وَغَيْرِهَا فَيُعْفَى يَسِيرُ الرَّائِحَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّا وَشَدَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ قُلْت نَصَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَأَظُنُّ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، وَابْنِ الْقَيِّمِ وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ.

الثَّانِي: هَذَا الْخِلَافُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ.
أَمَّا الْجَارِي: فَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَالرَّاكِدِ، إنْ بَلَغَ جَمِيعُهُ قُلَّتَيْنِ: دَفَعَ النَّجَاسَةَ إنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَهِيَ الْمَذْهَبُ. وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: هِيَ أَشْهَرُ [قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَفْهُومِ: هَلْ هُوَ عَامٌّ أَمْ لَا؟ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْجَارِيَ كَالرَّاكِدِ فِي التَّنَجُّسِ] وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: اخْتَارَهُ شَيْخُنَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهَا السَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَعَنْهُ: لَا يُنَجِّسُ قَلِيلُهُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ. فَإِنْ قُلْنَا يُنَجِّسُ قَلِيلُ الرَّاكِدِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. قَالَ فِي الْكُبْرَى: هُوَ أَقْيَسُ وَأَوْلَى. قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَلَا يُنَجِّسُ قَلِيلٌ جَارٍ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي. وَاخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالْمَجْدُ، وَالنَّاظِمُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ. وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقَالَ: هِيَ أَنَصُّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ تُعْتَبَرُ كُلُّ جَرْيَةٍ بِنَفْسِهَا.
اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ: هِيَ الْمَذْهَبُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هِيَ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ. قَالَ فِي الْكَافِي: وَجَعَلَ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ كُلَّ جَرْيَةٍ كَالْمَاءِ الْمُنْفَرِدِ. وَاخْتَارَهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهِيَ أَشْهَرُ. قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْأَصْحَابُ: فَيُفْضِي إلَى تَنْجِيسِ نَهْرٍ كَبِيرٍ بِنَجَاسَةٍ قَلِيلَةٍ لَا كَثِيرَةٍ، لِقِلَّةِ مَا يُحَاذِي الْقَلِيلَةَ.
إذْ لَوْ فَرَضْنَا كَلْبًا فِي جَانِبِ نَهْرٍ كَبِيرٍ وَشَعْرَةٌ مِنْهُ فِي جَانِبِهِ الْآخَرِ، لَكَانَ مَا يُحَاذِيهَا لَا يَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ لِقِلَّتِهِ، وَالْمُحَاذِي لِلْكَلْبِ يَبْلُغُ قِلَالًا كَثِيرَةً. فَيُعَايَى بِهَا [وَلَكِنْ رَدَّ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا ذَلِكَ، وَسَوَّوْا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَمَا يَأْتِي فِي النَّجَاسَةِ الْمُمْتَدَّةِ] .

الصفحة 57