كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ النَّجِسُ كَثِيرًا. فَزَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِنَزْحٍ، بَقِيَ بَعْدَهُ كَثِيرٌ: طَهُرَ) إذَا كَانَ الْمَاءُ الْمُتَنَجِّسُ كَثِيرًا. فَتَارَةً يَكُونُ مُتَنَجِّسًا بِبَوْلِ الْآدَمِيِّ أَوْ عَذِرَتِهِ. وَتَارَةً يَكُونُ بِغَيْرِهِمَا. فَإِنْ كَانَ بِأَحَدِهِمَا: فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُطَهِّرُهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ، وَإِنْ كَانَ مُتَغَيِّرًا بِأَحَدِهِمَا. فَتَارَةً يَكُونُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ، وَتَارَةً يَكُونُ مِمَّا يُمْكِنُ نَزْحُهُ. فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ نَزْحُهُ. فَتَطْهِيرُهُ بِإِضَافَةِ مَا لَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ إلَيْهِ، أَوْ بِنَزْحٍ يَبْقَى بَعْدَهُ مَا لَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ. فَإِنْ أُضِيفَ إلَيْهِ مَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ لَمْ يُطَهِّرْهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يُطَهِّرُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. فَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِمُكْثِهِ: طَهُرَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: لَا يَطْهُرُ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ نَزْحُهُ فَتَطْهِيرُهُ بِإِضَافَةِ مَا لَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ عُرْفًا كَمَصَانِعِ مَكَّةَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: كَبِئْرِ بُضَاعَةَ، وَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِطَهُورٍ يُمْكِنُ نَزْحُهُ فَلَمْ يُمْكِنْ نَزْحُهُ: لَمْ يَطْهُرْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَطْهُرُ، وَإِنْ كَانَ مُتَنَجِّسًا بِنَجَاسَةٍ غَيْرِ الْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَطْهُرُ بِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ. وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: وَيَطْهُرُ الْكَثِيرُ النَّجِسُ بِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: أَظْهَرُهُمَا يَطْهُرُ. وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ: الْأَوْلَى يَطْهُرُ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَلْ الْمُكْثُ يَكُونُ طَرِيقًا إلَى التَّطْهِيرِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَصَحَّحَ أَنَّهُ يَكُونُ طَرِيقًا إلَيْهِ. وَعَنْهُ لَا يَطْهُرُ بِمُكْثِهِ بِحَالٍ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَطْهُرَ إذَا زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ.

الصفحة 64