كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

وَإِنَّمَا ذُكِرَ الْخِلَافُ فِي الْقَلِيلِ الْمُطَهَّرِ إذَا أُضِيفَ إلَى كَثِيرٍ نَجِسٍ. قَالَ فِي النُّكَتِ: وَكَلَامُهُ فِي الْكَافِي فِيهِ نَظَرٌ.
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا: يَخْرُجُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ زَوَالِ التَّغْيِيرِ بِنَفْسِهِ. قَالَهُ الشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي وَغَيْرُهُمْ. الثَّانِي: قَوْلُهُ " أَوْ بِغَيْرِ الْمَاءِ " مُرَادُهُ غَيْرُ الْمُسْكِرِ. وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ تُعْطِي رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ، كَالزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

فَوَائِدُ إحْدَاهَا: لَوْ اجْتَمَعَ مِنْ نَجِسٍ وَطَاهِرٍ وَطَهُورٍ قُلَّتَانِ بِلَا تَغْيِيرٍ. فَكُلُّهُ نَجِسٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: طَاهِرٌ، وَقِيلَ: طَهُورٌ. وَهُوَ الصَّوَابُ.

الثَّانِيَةُ: إذَا لَاقَتْ النَّجَاسَةُ مَائِعًا غَيْرَ الْمَاءِ تَنَجَّسَ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَعَنْهُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَعَنْهُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَاءِ أَصْلًا لَهُ، كَالْخَلِّ التَّمْرِيِّ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْمَاءُ. وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ. وَالْبَوْلُ هُنَا كَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: قُلْت: بَلْ أَشَدُّ.

الثَّالِثَةُ: لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ [وَقُلْنَا: إنَّهُ طَاهِرٌ] أَوْ طَاهِرٌ غَيَّرَهُ مِنْ الْمَاءِ نَجَاسَةٌ، لَمْ يَتَنَجَّسْ إذَا كَانَ كَثِيرًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَابْنِ عُبَيْدَانَ [وَصَحَّحَهُ ابْنُ مُنَجَّا فِي نِهَايَتِهِ وَغَيْرِهِ] وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُنَجِّسَ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ عَنْ الْأَوَّلِ: فِيهِ نَظَرٌ، وَهُوَ كَمَا قَالَ: وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ، وَابْنِ تَمِيمٍ قَوْلُهُ (وَهُمَا خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ بِالْعِرَاقِيِّ) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَالْهِدَايَةُ،

الصفحة 67