كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 1)

تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ " بَعْدَ الدَّبْغِ " هِيَ مِنْ زَوَائِدِ الشَّارِحِ. وَعَلَيْهَا شَرْحُ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَابْنِ مُنَجَّا، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالشَّرْحِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: وَيُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْيَابِسَاتِ، مَعَ الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِي الْأُخْرَى: لَا يُبَاحُ، وَهُوَ أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ.
فَأَمَّا قَبْلَ الدَّبْغِ: فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ، قَوْلًا وَاحِدًا. انْتَهَى. وَقَدَّمَ هَذَا الْوَجْهَ الزَّرْكَشِيُّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْحُكْمَ قَبْلَ الدَّبْغِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالنَّظْمِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي الْيَابِسَاتِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ انْتَهَى، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِجُلُودِ الْكِلَابِ فِي الْيَابِسَاتِ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِجُلُودِ الْكِلَابِ فِي الْيَابِسِ، وَسَدِّ الْبُثُورِ بِهَا وَنَحْوَهُ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ بِقِيلِ. وَقِيلَ. الثَّانِي: مَفْهُومُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ الْيَابِسَاتِ. كَالْمَائِعَاتِ وَنَحْوِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ. فَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فِيهِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَلَوْ لَمْ يُنَجِّسْ الْمَاءَ، بِأَنْ كَانَ يَسَعُ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ. قَالَ: لِأَنَّهَا نَجِسَةُ الْعَيْنِ.
أَشْبَهَتْ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ: يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي ذَلِكَ، إنْ لَمْ يُنَجِّسْ الْعَيْنَ.
فَائِدَةٌ: فَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ: يُبَاحُ دَبْغُهُ. وَعَلَى الْمَنْعِ: هَلْ يُبَاحُ دَبْغُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالزَّرْكَشِيُّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَإِنْ جَازَ أُبِيحَ الدَّبْغُ. وَإِلَّا احْتَمَلَ التَّحْرِيمَ، وَاحْتَمَلَ الْإِبَاحَةَ كَغَسْلِ

الصفحة 88