كتاب التمهيد في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

٣٩٩ - دليل خامس: أنا نقول: إن قولنا يجزيء أي أنه) يكفي في إسقاط التعبد بها (ألا ترى أنه) لا فرق بين قول القائل: هذا الشيء يكفيني، وبين قوله: هذا الشيء يجزئني، والمعقول من ذلك أنه يكفي في الغرض، فكذا في العبادة أنه يكفي ويجزيء في إسقاط التعبد الذي لزم بالأمر.
٤٠٠ - احتج الخصم بأن قال: قولنا لا يجزيء معناه أنه يجب القضاء، وقد يفعل الإنسان المأمور ويلزمه القضاء، ألا ترى أنه (يؤمر أن) يمضي في الحجة الفاسدة ويؤمر (بالإمساك في) الصوم الفاسد، كاليوم الذي يظن أنه من شعبان ثم تبين أنه من رمضان ويؤمر أن يصلي مع عدم الماء والتراب بغير طهارة ثم يجب قضاء جميع ذلك فدل على أن الإجزاء لا يحصل بامتثال الأمر وإنما يحصل بدليل آخر.
الجواب: أنا نقول: يدل على أن فعل المأمور به يمنع لزوم القضاء، فإن القضاء للعبادة المؤقتة هو فعل يوقع بعد خروج وقتها بدلاً من فعلها في وقتها، وذلك يكون إما لأن العبادة ما فعلت أصلاً أو فعلت على وجه الفساد، وذلك غير حاصل لأنه قد فعلها في وقتها بكمال شروطها على وجه الصحة فلم يتصور لزوم القضاء.
فأما قولهم في الحجة الفاسدة والإمساك (في الصوم

الصفحة 319