كتاب التمهيد في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

٨٨ - والدليل عليه قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}.
أي بلغه قومه، فجعل اللغة لهم والوضع إليهم.
وأيضاً فإنه لا يجوز أن يكون توقيفاً لأن المخاطب لا يخاطب من لا يفهم بما لا يفهم فيكون ذلك لغواً، ألا ترى أنه لو خوطب أعرابي بالزنجية فإنه لا يفهم ويكون ذلك لغواً، وكذلك الزنجي بالعربية.
وأيضاً فإنه لو كانت توقيفاً لما اختلفت اللغات، لأنه لم نعلم لآدم جميع اللغات، فلما اختلفت اللغات دلّ على أن هذا وضع، والذي يؤكد هذا أنا نرى أهل الصنائع المحدثة قد وضعوا أسماء لآلة صنائعهم، ولهذا تختلف أسماء الأشياء في البلدان.
وأيضاً فإن الله لما خلق الخلق دعتهم الحاجة إلى التمييز بين الأشخاص والأشياء، فأشاروا إلى كل شيء باسم وميزوا بذلك الاسم بينه وبين غيره، فصار ذلك علماً له.

الصفحة 74