كتاب التمهيد في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

قال: أخوكم جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" فوجه الدليل أنهم لو كانوا يعلمون ذلك لما احتاجوا إلى من يعلمهم.
فإن قيل: جبريل لم يعلمهم الأسماء وإنما علمهم المعاني.
قيل: لعمري لكن علمهم معاني ووضع لها أسماء، وإن كانت تلك الأسماء في اللغة تدل على أنها حقيقة فيها.
١٠٥ - احتج المخالف بأن قال: النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى العرب، وخاطبهم بلغتهم وأنزل القرآن على لغتهم. ولهذا ١٤ ب/ قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}، وقال تعالى: {قُرْآَنًا عَرَبِيًّا} وهذا مما يدل على أن اللغة إليهم والرجوع في ذلك إليهم.
الجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من أفصح العرب، لأنه أُعطي الفصاحة والعربية والحكمة الإلهية، فإذا جاز أن يضع أسماء لمعانٍ لا تعرفها العرب، لأنه إذا وضع وضعاً جاز وضع لغة شرعي، وعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نقل اللغة ولم يغيرها، وإنما تارة يسمي أسماء لمعانٍ لا تعرفها العرب، وتارةً يسمي أسماء لمعانٍ فيها شبه من معاني ذلك الاسم في اللغة.
احتج بأن قال: لو كان قد بينه النبي صلى الله عليه وسلم، لكان قد بينه بياناً عاماً، أو عرفناه نحن كما عرفتموه أنتم.

الصفحة 94