كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 1)
المرادَ هنا التي لم يَفْتَحِلْهَا الفحلُ لِصِغَرِ سِنِّهَا، والمعنى: ليست هذه البقرةُ التي أُمِرْتُمْ بِذَبْحِهَا بطاعنةٍ في السِّنِّ فارضٍ، ولا بصغيرةٍ جِدًّا لم يَفْتَحِلْهَا الفحلُ، بل هي {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} العوانُ: النَّصَفُ، أي: لا طاعنةٌ في السِّنِّ ولا بكرٌ، أي: لا صغيرةٌ جِدًّا بل هي: {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} والعوانُ: النَّصَفُ، وأصلُ النَّصفِ: التي انْتَصَفَ عُمُرها (¬1)، وهي وسطٌ في السِّنِّ، ليست بصغيرةٍ جِدًّا، ولا كبيرةٍ جِدًّا، وَكُلُّ متوسطةٍ في السنِّ نَصَفٌ تُسَمِّيهَا العربُ (عَوَانًا)، وهذا معنًى معروفٌ في كلامِ العربِ، ومنه قولُ الطِّرِمَّاحِ قال (¬2):
حَصَانُ مَوَاضِعِ النَّقَبِ الأَعَالِي ... نَوَاعِمُ بَيْنَ أَبْكَارٍ وَعُونِ
يعني بالأبكارِ جمعَ بِكْرٍ، الصغيرةُ التي لم تَتَزَوَّجْ. والعُونُ: جمعُ عوانٍ، وهي النَّصَفُ، والنَّصَفُ التي انتصفَ عُمْرُهَا، فهي في وسطِ سِنِّهَا، ليست بكبيرةٍ جِدًّا، ولا بصغيرةٍ جِدًّا، ومنه قولُ كعبِ بنِ زهيرٍ (¬3):
شَدَّ النَّهارُ ذِرَاعَا عَيْطَلٍ نَصَفٍ ... قَامَتْ فَجَاوَبَهَا نُكْدٌ مَثَاكِيلُ
وَفَسَّرَ بعضُ الأدباءِ في شعرِه (النَّصَفَ) بالتي انتصفَ عُمْرُهَا، حيث قال (¬4):
¬_________
(¬1) انظر: القرطبي (1/ 449)، الدر المصون (1/ 421).
(¬2) انظر: الكشاف (1/ 74)، تفسير أبي السعود (1/ 111)، الدر المصون (1/ 421).
(¬3) شرح قصيدة كعب بن زهير لابن هشام ص229.
(¬4) عيون الأخبار (4/ 43)، والبيت من شواهد ابن هشام في شرحه لقصيدة كعب بن زهير ص230.