كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 1)
أَجَاعِلٌ أَنْتَ بَيْقُورًا مُسَلَّعَةً ... ذَرِيعَةً لَكَ بَيْنَ اللَّهِ وَالْمَطَرِ
قيل: سُمِّيَ البقرُ بقرًا لأنه يَبْقُرُ الأرضَ، يعني بحيث يَشُقُّهَا للحرثِ (¬1). وهذا معنى قولِه: {إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}.
{وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} مفعولُ المشيئةِ محذوفٌ، وتقريرُ المعنى: وإنا لمهتدونَ إن شاءَ اللَّهُ هِدَايَتَنَا (¬2). فَفَصَلَ بين اسمِ (إن) وخبرِها، وحذف مفعولَ (إن شاء) لدلالةِ المقامِ عليه. وتقريرُ المعنى: وإنا لمهتدون إلى نفسِ البقرةِ المطلوبةِ إن شاءَ اللَّهُ هِدَايَتَنَا إليها. ذُكِرَ عن ابنِ عباسٍ أنه قال: لو لم يَقُولُوا إن شاءَ اللَّهُ لَمَا اهْتَدَوْا إليها أَبَدًا (¬3).
{قَالَ إِنَّهُ} أي: رَبُّكُمْ جل وعلا {يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ}
¬_________
(¬1) انظر: الدر المصون (1/ 417).
(¬2) المصدر السابق (1/ 427).
(¬3) ورد في هذا المعنى عدة روايات، منها المرفوع ومنها الموقوف؛ أما الروايات المرفوعة - وكلها ضعيفة - فعلى النحو التالي:
1 - من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) عند ابن أبي حاتم في التفسير (1/ 141)، وأورده ابن كثير في التفسير (1/ 111) من طريق ابن أبي حاتم، ومن طريق ابن مردويه. ثم قال: ((وهذا حديث غريب من هذا الوجه، وأحسن أحواله أن يكون من كلام أبي هريرة ... )) ا. هـ. وذكره السيوطي في الدر (1/ 77)، وعزاه لابن أبي حاتم وابن مردويه. وقال الألباني في الضعيفة (5555)، (12/ 94) وقال: ((منكر)).
2 - عن عكرمة - مرسلا - عند سعيد بن منصور (2/ 565)، وأورده السيوطي في الدر (1/ 77)، والشوكاني في التفسير (1/ 162) وعزواه للفريابي، وسعيد بن منصور، وابن المنذر.
3 - عن ابن جريج - مرسلا - عند ابن جرير (2/ 205)، وأورده السيوطي في الدر (1/ 77)، والشوكاني في التفسير (1/ 162) وعزواه لابن جرير.
4 - عن قتادة - مرسلا - عند ابن جرير (2/ 206)، وأورده السيوطي في الدر (1/ 77)، والشوكاني في التفسير (1/ 162) وعزواه لابن جرير.
وأما الروايات الموقوفة فهي:
1 - عن عكرمة، عند ابن جرير (2/ 204 - 205).
2 - عن أبي العالية، عند ابن جرير (2/ 205 - 206).
وقال الشوكاني بعد أن أورد حديث أبي هريرة - السابق -: «وأخرج نحوه ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس» ا. هـ (فتح القدير 1/ 162). قلت: ولم أقف على هذه الجملة - من كلام ابن عباس - في الكتابين المذكورين، فالله أعلم.