كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 1)

وَلَمَّا رَاجَعَهُ أحدُ تلامذتِه في تخفيفِ مستوى الدرسِ، أَجَابَ بقولِه: «إن اللَّهَ يفتحُ على المرءِ ما لم يكن يتوقعُ، ثم إن المسجدَ يَجْمَعُ عجائبَ من أجناسٍ مختلفةٍ، وَيَكْفِينِي واحدٌ يَحْمِلُ عَنِّي ما بَلَّغْتُ مِمَّا عِنْدِي» (¬1) اهـ.
وقد نَبَّهَ الشيخُ (رحمه الله) على ذلك عند الكلامِ على قولِه (تعالى) من سورة براءة: {لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ... } [التوبة: آية 44] لَمَّا تكلمَ على بعضِ النواحِي الإعرابيةِ واللغويةِ المتصلةِ بالآيةِ، فقال بعدَ ذلك: «ونحنُ نذكرُ هذه الأشياءَ العربيةَ، وإن كانَ أكثرُ المستمعين لا يَفْهَمُونَهَا؛ لأَنَّا نريدُ أن تكونَ هذه الدروسُ القرآنيةُ يستفيدُ منها كُلُّ الحاضرين على قَدْرِ استعداداتِهم، وَاللَّهُ يُوَفِّقُ الجميعَ للخيرِ» اهـ.
وذكر (رحمه الله) بعضَ التحقيقاتِ اللغويةِ في موضعٍ آخرَ، ثم عَقَّبَ ذلك بقولِه: «فنحنُ - أيها الإخوانُ - نذكرُ هذه المناسباتِ؛ لأَنَّا نعلمُ أن القرآنَ العظيمَ هو مصدرُ العلومِ، وله في كُلِّ عِلْمٍ بيانٌ، فنتطرقُ الآيةَ من وجوهها، وَقَصْدُنَا انتفاعُ طلبةِ العلمِ؛ لأن القرآنَ أصلٌ عظيمٌ تُعْرَفُ به أصولُ التصريفِ، والنحوِ، وأصولِ الفقهِ، والتاريخِ، والأحكامِ، إلى غيرِ ذلك من جميعِ النواحِي، فنحن جَرَتْ عادتُنا بأن نتطرقَ الآيةَ من جميعِ نواحيها بحسبِ الطاقةِ لينتفعَ كُلٌّ بِحَسَبِهِ» (¬2) اهـ.
وقال عند تفسيرِ قولِه (تعالى): {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} ... [التوبة: آية 34]: «ونحنُ - عادةً في هذه
¬_________
(¬1) المصدر السابق.
(¬2) ذكره عند تفسير الآية (101) من سورة الأعراف.

الصفحة 24