كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 1)

{إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الإصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97)} [الأنعام: الآيات 95 - 97].
يقول اللَّهُ جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الإصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)} [الأنعام: الآيتان 95، 96].
بَيَّنَ اللَّهُ (جل وعلا) في هذه الآياتِ عجائبَ صُنْعِهِ الدالةَ على أنه المعبودُ وَحْدَهُ، القادرُ على كُلِّ شَيْءٍ. وهذه مع أنها آياتٌ، فهي نِعَمٌ عِظَامٌ، فهو يُذَكِّرُ الخلقَ بنعمِه العِظَامِ، وآياتِه العظامِ.
وقولُه: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: آية 95] الفَلْقُ في لغةِ العربِ معناهُ: الشّقُّ (¬1). وفي هذه الآيةِ ثلاثةُ أَوْجُهٍ معروفة من التفسيرِ (¬2):
أَشْهَرُهَا وعليه الجمهورُ، وهو ظاهرُ القرآنِ العظيمِ الذي دَلَّ عليه بعضُ القرائنِ أن معنَى قولِه: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} إن اللَّهَ (جل وعلا) فَالِقُ الْحَبِّ، يفلقُ حَبَّ القمحِ - مثلاً - إذا بُذِرَ في الأرضِ يفلقُه ويشقُّه عن سنبلةٍ فيها مئاتُ الْحَبِّ، ويفلقُ النواةَ.
¬_________
(¬1) انظر: المفردات (مادة: فلق) 645، الدر المصون (5/ 56).
(¬2) انظر: ابن جرير (11/ 550)، القرطبي (7/ 44)، البحر المحيط (4/ 184).

الصفحة 530