كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 1)

{فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} أين تُصْرَفُونَ وتقلبونَ عن هذه البراهين والآياتِ العظيمةِ الدالةِ على عظمةِ رَبِّكُمْ وجلالِه، وأنه المعبودُ وحدَه جل وعلا.
[10/ب] / {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [الأنعام: آية 96].
{فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} قرأ هذا الحرفَ القراءُ السبعةُ ما عدا الكوفيين: {وجاعِلُ الليل سكنًا} وَقَرَأَهُ الكوفيون - حمزةُ والكسائيُّ وعاصمٌ-: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} بصيغةِ الفعلِ الماضي (¬1).
وإعرابُ {فَالِقُ الإِصْبَاحِ} فيه للعلماءِ ثلاثةُ أوجهٍ لاَ يُكَذِّبُ بعضُها بَعْضًا (¬2):
أحدُها: أنه خبرُ مبتدأٍ محذوفٌ. أي: هو (جل وعلا) فالقُ الإصباحِ.
الثاني: أنه نَعْتٌ لِلرَّبِّ في قولِه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ} اللَّهُ فالقُ الإصباحِ. فهو نعتٌ لاسمِ الجلالةِ.
وقال بعضُ العلماءِ: هو خَبَرٌ آخَرُ لقولِه: {إِنَّ} {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى}، {فَالِقُ الإِصْبَاحِ} والخبرُ يتعددُ للمبتدإِ، وإذا دَخَلَتْ (إن) على مبتدإٍ متعددِ الخبرِ: تَعَدَّدَتْ الأخبارُ لها، والمعنَى كُلُّهُ على هذه الأعاريبِ الثلاثةِ معنًى وَاحِدٌ.
¬_________
(¬1) انظر: المبسوط لابن مهران 199.
(¬2) انظر: فتح القدير (2/ 143).

الصفحة 537