كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 1)

كُلَّ ما لهم فِيهِ فَائِدَةٌ، وما يحتاجونَ إلى بيانِه من آياتِ اللَّهِ وغرائبِه وعجائبِ صُنْعِهِ، فأنزلَ اللَّهُ جوابًا لسؤالهم: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: آية 189] فَبَيَّنَ أنها مواقيتُ، وهذه المواقيتُ إنما كانت مَوَاقِيتَ لأَنَّهَا بحسابٍ معينٍ مقدرٍ نَظَّمَهُ العزيزُ العليمُ (جل وعلا). ومشارقُ الشمسِ ومغاربُها معروفةٌ في كُلِّ يومٍ من السَّنَةِ، وكذلك منازلُ القمرِ مَعْرُوفَةٌ، وفي هذه المشارقِ والمغاربِ - التي تُشْرِقُ منها الشمسُ وتغربُ، ومنازلُ القمرِ - يعرفُ الناسُ بها عددَ السنينَ والشهورِ والحسابِ، ويعرفونَ شهرَ صومِهم، وشهرَ حَجِّهِمْ،
وعِدَدَ نِسَائِهِمْ، وآجالَ دُيُونِهِمْ، وما جرى مَجْرَى ذلك. أما غيرُ ذلك، فقد بَيَّنَ القرآنُ أنه مِمَّا ليس لهم فيه جَدْوَى ولا فائدةٌ. ومعلومٌ أن القرآنَ العظيمَ يُبَيِّنُ للناسِ كُلَّ ما يحتاجونَ إليه، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيَّنَ كُلَّ ما يُحْتَاجُ إليه. ونحنُ نقولُ هذا، ونقولُ: إن اللَّهَ (جل وعلا) لم يَجْعَلْ لِخَلْقِهِ في القمرِ أشياءَ غيرَ ما هو مُشَاهَدٌ من عددِ السنينَ والحسابِ، وَمِمَّا جَعَلَ اللَّهُ في الشمسِ والقمرِ بمجارِي عادتِه وقدرتِه من المنافعِ للنباتاتِ والثمارِ والمعادنِ وغيرِ ذلك.
نحن نتكلمُ على هذا القرآنِ ولاَ نَرْضَى لأحدٍ أن يُؤَوِّلَهُ بغيرِ

الصفحة 545