كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 1)

ولا نقول لك كما قال قومُ موسى لموسى: {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: آية 24]، بل إنا مَعَكَ مُقَاتِلُونَ (¬1).
ولما أعاد الكلامَ قال له سعدُ بنُ معاذٍ (رضي الله عنه): كأنكَ تَعْنِينَا معاشرَ الأنصارِ- لأنهم اشترطوا عليه ليلةَ العقبةِ أن يمنعوه مما يمنعونَ منه نِسَاءَهُمْ وأبناءَهم، بشرطِ أن يكونَ في داخلِ المدينةِ، ولم يَشْتَرِطْ عليهم خارجَ المدينةِ - فأخبرَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنه يَعْنِيهِمْ فقال كلامَه المعروفَ المأثورَ، قال: «وَاللَّهِ إِنَّا لقومٌ صُبُرٌ في الحربِ، صُدُقٌ عندَ اللقاءِ، وَاللَّهِ ما نَكْرَهُ أن تَلْقَى بنا عَدُوَّكَ حتى ترى منا ما يُقِرُّ عَيْنَكَ، وَاللَّهِ لقد تَخَلَّفَ عنك أقوامٌ لو علموا أنكَ تلقى كيدًا ما تَخَلَّفَ عنكَ منهم رجلٌ» (¬2).
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري مع شيء من المغايرة في اللفظ، كتاب المغازي، باب قول الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} ... حديث رقم: (3952)، (7/ 287)، وأخرجه في موضع آخر، انظر: حديث رقم: (4609)، وقد أخرج مسلم نحوه عن سعد بن عبادة رضي الله عنه، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة بدر، حديث رقم: (1779)، (3/ 1404)، وانظر: كلام الحافظ على رواية مسلم: الفتح (7/ 288).
(¬2) تاريخ الطبري (2/ 273 - 274)، البيهقي في الدلائل (3/ 34)، السيرة لابن هشام (2/ 653)، وذكره ابن كثير في تاريخه (3/ 262) وعقبه بقوله: «هكذا رواه ابن إسحاق (رحمه الله) وله شواهد من وجوه كثيرة»، اهـ ثم ذكر شواهده عند البخاري والنسائي وأحمد وابن مردويه والأموي في مغازيه. وراجع تعليق الألباني على فقه السيرة ص239، ومرويات غزوة بدر لأحمد باوزير ص144 - 149.

الصفحة 58