كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 1)

قراءةِ مَنْ قَرَأَ {تُجْزي} (¬1) بصيغةِ الرُّبَاعِيِّ؛ لأنها هي التي تأتي بمعنى الإغناءِ، وتقريرُ المعنى: (وَاتَّقُوا يومًا لا تَجْزِي فيه نفسٌ عن نفسٍ شيئًا) أي: لا تَقْضِي نفسٌ عن نفسٍ حَقًّا وَجَبَ عليها، ولا تدفعُ عنها عذابًا حَقَّ عليها، والرابطُ المحذوفُ محذوفٌ من الْجُمَلِ المعطوفةِ على الجملةِ النعتيةِ (¬2)، وتقريرُ المعنى: (لا تجزي فيه نفسٌ عن نفسٍ شيئًا ولا يُقْبَلُ فيه شفاعةٌ، ولا يُؤْخَذُ فيه عدلٌ، ولا هم يُنصرون فيه) فالرابطُ محذوفٌ من الْجُمَلِ المعطوفةِ على الجملةِ التي هي وَصْفٌ، وتقريرُ المعنى: (وَاتَّقُوا يومًا لا تجزي فيه نفسٌ عن نفسٍ شيئًا)، أي: لا تَقْضِي نفسٌ عن نفسٍ شيئًا أي: حَقًّا وَجَبَ عليها، ولا تدفعُ عنها عذابًا حَقَّ عليها، وعلى هذا التقريرِ فـ {شَيْئًا} مفعولٌ به لـ {تَجْزِي} (¬3)، وقال بعضُ العلماءِ: {شَيْئًا} في مَحَلِّ المصدرِ، أي: لا تجزي عنها شيئًا، أي: جزاءً قليلاً ولا كثيرًا (¬4).
وقولُه: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} فيه قراءتانِ سَبْعِيَّتَانِ (¬5): قَرَأَهُ أكثرُ السبعةِ: {وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} (¬6) والتذكيرُ في قولِه: {يُقْبَلُ} لأَمْرَيْنِ (¬7): أحدُهما: أن تأنيثَ الشفاعةِ تأنيثٌ غيرٌ حَقِيقِيٍّ. الثاني:
¬_________
(¬1) انظر: المحرر الوجيز (1/ 208)، القرطبي (1/ 378)، البحر المحيط (1/ 189).
(¬2) انظر: البحر المحيط (1/ 190).
(¬3) انظر: البحر المحيط (1/ 190).
(¬4) المصدر السابق.
(¬5) انظر: المبسوط في القراءات العشر ص129.
(¬6) وقرأه ابن كثير وأبو عمرو: {ولا تُقبل} بالتاء. انظر: المبسوط ص129، ومن قرأ بالتاء فلتأنيث (الشفاعة). انظر: حجة القراءات ص95.
(¬7) انظر: حجة القراءات ص95.

الصفحة 63