كتاب المدخل إلى مشروع «آثار الشيخ الشنقيطي» - طليعة أضواء البيان

بل كان الشيخ (رحمه الله) لا يميز بين فئات العملة الورقية، وكان يقول: "لقد جئت من البلاد ومعي كنز قلّ أن يوجد عند أحد، وهو القناعة، ولو أردت المناصب لعرفت الطريق إليها، فإني لا أوثر الدنيا على الآخرة، ولا أبذل العلم لنيل المآرب الدنيوية".
والشيخ (رحمه الله) من أبعد الناس عناية بالمظهر، وربما خرج بنعلين متغايرين أحدهما أحمر والآخر أخضر.
ويقول الشيخ محمد العثيمين (رحمه الله): "كنا طلابًا في المعهد العلمي في الرياض، وكنا جالسين في الفصل، فإذا بشيخ يدخل علينا إذا رأيته قلت: هذا بدوي من الأعراب، ليس عنده بضاعة من علم! ! رث الثياب، ليس عليه آثار الهيبة، لا يهتم بمظهره، فسقط من أعيننا، فتذكرت الشيخ عبد الرحمن السعدي، وقلت في نفسي: أترك الشيخ عبد الرحمن السعدي وأجلس أمام هذا البدوي؟ ! فلما ابتدأ الشنقيطي درسه انهالت علينا الدرر من الفوائد العلمية من بحر علمه الزاخر، فعلمنا أننا أمام جهبذ من العلماء، وفحل من فحولها، فاستفدنا من علمه، وسمته، وخُلقه، وزهده، وورعه" (¬1) ا. هـ.
وقدم إلى الرياض في بعض زياراته لمعهد القضاء، وعليه ثوب
¬__________
= "قلت له -أي للشيخ الشنقيطي- لو طُبع أضواء البيان طبعة تجارية لكان أكثر لانتشاره، فقال: لا أتاجر في البيان لكتاب الله تعالى، وما أظن أحدًا يجترئ على كتابي فيبيعه فأدعو عليه إلا أن تصيبه الدعوة. هكذا شافهني وأنا بجانبه في المسجد النبوي الشريف -رحمه الله تعالى-" ا. هـ.
(¬1) مجلة الحكمة، العدد الثاني، ص 22.

الصفحة 32