كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

ليسلموا] وظاهر سياق الآية دليل على أن المراد بالآية الصدقة عليهم وإن لم يكونوا على دين الإسلام. ودليل ذلك قوله تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا} [الإنسان: 8] والأسير في دار الإسلام لا يكون إلا مشركًا. ومثله قوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن بروهم وتقسطوا إليهم} الآية [الممتحنة: 8] فظواهر الآيات يقتضي جواز صرف الصدقات إليهم جملة إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم خص منها الزكاة المفروضة بقوله -عليه السلام- لمعاذ: ((خذ الصدقة من أغنيائهم وردها على فقرائهم)). فاتفق جمهور العلماء على أن الزكاة المفروضة لا تصرف إليهم. ورأى أبو حنيفة ما عدا زكاة المال يجوز صرفها إليهم مثل صدقة الفطر نظرًا إلى عموم الآيات في البر وإطعام الطعام. ورأى غيره أن صدقة الفطر مخصوصة أيضًا من ذلك العموم بقوله صلى الله عليه وسلم: ((أغنوهم عن الطلب في مثل هذا اليوم)) وظاهر ذلك أنه لتشاغلهم بالعيد وصلاته، وذلك لا يتحقق في المشركين. على أن قوله تعالى لنبيه -عليه السلام-: {ليس عليك هداهم} [البقرة: 272] غير ظاهر في الصدقات وصرفها إلى الكفار بل يحتمل أن يكون معناه ليس عليك هداهم ابتداءً. ومن أهل العلم من حمل العمومات المذكورة على ظاهرها ولم ير فيها تخصيصًا، فأجاز

الصفحة 394