كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

إعطاء الذمي من جميع الصدقات فرضها وتطوعها. وتحصل من هذا أنه لا خلاف في جواز إعطاء الذمي من صدقة التطوع واختلف في غير التطوع.
وفي قوله تعالى: {إن تبدو الصدقات فنعما هي} الآية [البقرة: 271]. دليل على أن لرب المال تفريق الصدقة بنفسه وهو أحد قولي الشافعي، وهذا الاستدلال إنما يصح بأن الآية يراد بها الفرض.
قوله تعالى: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} إلى قوله: {إلحافًا} [البقرة: 273].
قال كثير من المفسرين إن اللام تتعلق بقوله: {وما تنفقوا من خير} [البقرة: 272] وعلى هذا يحتمل أن تكون اللام بمعنى على، فيكون التقدير على الفقراء، ويحتمل أن يكن {للفقراء} في موضع الحال من الضمير في {تنفقوا} كأنه قال وما تنفقوا باذلين ومتطوعين، ويجوز أن يكون في موضع الصفة لخير كأنه قال من خير مصنوع للفقراء. وقال بعضهم هو على إضمار فعل تقديره أعطوا للفقراء وهو تقدير ضعيف. وفي قوله: {الذين احصروا} قولان:
أحدهما: أن المعنى أحصرهم فصل الجهاد فمنعهم من التصرف.
والثاني: أحصرهم عدوهم أي شيء لشغلهم بجهادهم. ومعنى {أحصروا} صاروا إلى أن حصروا أنفسهم للجهاد كما تقول رابط في سبيل الله. وقال بعضهم: كان أصحاب الصفة عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أحصرهم الفقر. والصفة والسقيفة وقال ابن جبير: هم قوم أخذتهم جاحات فلزمتهم الزمانة. وقال مجاهد وغيره: الآية يراد بها فقراء

الصفحة 395