كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

أن الفقير اسم ثابت لكل من عدم الفضل على ما لا بد له منه بحسب حاله. والآية على ما قدمت من تقرير تدل على ذلك. وقال بعضهم: هذه الآية ترد قول من قال: إنه ل يجب أن يعطى من الصدقة من عنده ما يواري به عورته ويسد به جوعه. وهذا قول شاذ.
وقد اختلفوا في القدر الذي يخرج به الفقير من اسم الفقر إلى اسم الغنى حتى لا تحل له الزكاة، فقيل: من كانت له كفاية بمال وإن كانت دون نصاب للحديث: ((من سأل منكم وله أوقية أو عدلها، فقد سأل إلحافًا)). وقد يكون للرجل أكثر من نصاب ولا كفاية له. وروي عن الشافعي، وذكر الباجي نحوه عن الشيخ أبي بكر. وقيل: هو من له نصاب، وهو قول عبد الملك. وذكربعضهم عن الشافعي أنه اعتبر في ذلك قوت سنة. وعن مالك رحمه الله أنه اعتبر أربعين درهمًا. وقال الثوري وأحمد: خمسون درهمًا.
والأظهر من هذه الأقوال على ظاهر الآية اعتبار الكفاية لأن الله تعالى قد أباح لهؤلاء الفقراء المهاجرين المذكورين في الآية أخذ الصدقات ولا بد أن لهم كسوة وسلاحًا ودوابًا.
وقد اختلف هل يعطى الفقير نصابًا أم لا؟ وظاهر الآية الجواز إذ لم يخص من النفقة يسيرًا من كثير لهذا قلنا: إن من كان في الزو لا يعكى من الزكاة إلا أن يكون فقيرًا [أي] في الموضع الذي هو فيه غاز وهو

الصفحة 397