كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

واستدل على صحة هذا التأويل بوصفه تعالى لهم بالتعفف، وبقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذ يلا يجد غنى يعينه، ولا يتفطن له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس)) والحديث في ((البخاري)) واحتج من قال بالتأويل أيضًا: ((ولكن المسكين الذي ليس له غنى ويستحيي، ولا يسأل الناس إلحافًا)) قال: والمسألة بغير إلحاف جائزة للمضطرين يدل على ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافًا)) فدل هذا على أنه من لم تكن له أوقية فهو غير ملحف ولا ملوم، وهو متعفف. وقال الطحاوي: هذا حديث منسوخ بقوله: ((من سأل وله خمس أواق فقد سأل إلحافًا)). فجعل هذا حدًا لمن تحل له الصدقة ومن لا تحل له وقد تقدم الكلام على هذا المعنى.
قوله تعالى: {الذين يأكلون الربا} الآية إلى قوله: {وإن كان ذو عسرة} [البقرة: 275 - 279]. الربا الزيادة، وعلته ما كانت العرب تفعله من تأخير الدين بزيادة
فيه فيقول أحدهم لغريمه: أتفضي أم تربي؟ فكان الغريم يزيد في عدد المال ويصبر الطالب عليه.
وقوله تعالى: {يأكلون الربا} أي يكسبون الربا ويفعلونه. وخصت

الصفحة 400