كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

كما رد طلحة لكفار قريش رد النساء عليهم في عام الحديبية. وذكر بعضه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يكتب في أسفل الكتاب لثقيف ((لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم)) فلما جاءت آجال ربائهم بعثوا إلى مكة للاقتضاء، وكانت الديون لبني عنزة، وهم بنو عمرو بن عمير بن ثقيف على بني المغيرة المخزوميين. فقال بنو المغيرة: لا نعطي شيئًا، فإن الربا قد وضع. ورفعوا أمرهم إلى عتاب بن أسيد بمكة، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية. فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب، فعلمت به ثقيف، فكفت. وأصل الربا في اللغة الزيادة إلى أن الشرع أثبت زيادات جائزة وحرم أنواعًا من الزيادات ولكن إطلاق اللفظ يقتضي تحريم كل زيادة إلا ما خصه الشرع.
وقوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة: 278].
يقتضي جواز ما لا زيادة فيه إلا ما خصه الشرع أيضًا. وقد اختلف الأصوليون في قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} هل هو عام أو مجمل؟ والذي اختاره أكثر الفقهاء أنه عام. ثم اختلفوا فمنهم من قال: هو من العموم الذي لا خصوص فيه، ولا يدخله الخصوص لأنه لا بيع إلا وهو حلال. أي أن البيوع الفاسدة لا يطلق عليها اسم البيع شرعًا إلا مجازًا فهي غير داخلة تحت قوله: {وأحل الله البيع وأجازوا أن يطلق عليها اسم البيع لغة. ومنهم من قال: هو من العموم الذي أريد به الخصوص. واختلف أهل هذه الطريقة فمنهم من يجعله فيما أريد به من ذلك من حيز العموم. ومنهم

الصفحة 402