كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

فالجائزة: هي التي لم يحظرها الشرع ولا ورد فيها نهي فتندرج تحت قوله تعالى: {وأحل الله البيع} كل بيع إلا ما خص منه بالدليل.
والمحظورة: هي التي قام الدليل على تخصيصها من عموم الآية بالمنع منها.
والمختلف فيها: ما تجاذبه الطرفان. ونحن نسوق من ذلك أمثلة يتبين بالنظر فيها كيف تؤخذ الأحكام من الكتاب والسنة والإجماع. فمن ذلك:
السلم، أجازه مالك وأصحابه من كل ما يضبظ بالصفة على شروط مسطورة في كتبهم. وذهب أبو حنيفة إلى أن السلم في الحيوان لا يجوز.
وذهبت طائفة من أهل الظاهر إلى أن السلم، فيما عدا المكيل والموزون لا يجوز. ودليل مالك وأصحابه عموم الآية. ولم ينه صلى الله عليه وسلم عنه فبقي على أصل الإباحة الواردة في القرآن، مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من سلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم)) ومن ذلك بيع العين الغائبة وهو عند مالك جائز على الصفة، وعند الشافعي غير جائز وصف أو لم يوصف. وعند أبي حنيفة أنه جائز وصف أو لم يوصف إلا أنه يوجب للمبتاع خيار الرؤية إذا رأى المبيع. وحجة مالك على الشافعي عموم الآية. من ذلك بيع الأعيان الحاضرة التي تشق رؤيتها كالأعدال تباع على البرنامج ونحوه أجازه مالك ومنعه الشافعي في أظهر قوليه.
والحجة لمالك، قوله عز وجل: {وأحل الله البيع وحرم الربا} وقوله: {إلا

الصفحة 404