كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء: 29].
وقد اختلفوا في بيع المزايدة، وعموم الآية حجة لمن أجازه مع ما ورد في الحديث في ذلك.
واختلف في بيع أمهات الأولاد، فقال كافة العلماء: إنهن لا يبعن بوجه وأنهن أحرار. وقول أهل الظاهر جواز بيعهن وعن الشافعي القولان. وقول على -رضي الله عنه- أنهن يبعن في الدين خاصة.
واحتج من نصر قول أهل الظاهر بقول الله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} وهذا لا حجة فيه بأن يتخصص بأدلة معلومة. ومن ذلك بيع الجوز، واللوز، والباقلاء في قشره الأعلى أجازه مالك ومنعه الشافعي وأبو حنيفة. وحجة عموم قوله تعالى: {وأحل الله البيع}. ومن ذلك بيع السنبل إذا يبس واستغنى عن الماء قائمًا على اختلاف في المذهب وجزما على اختلاف فيه أيضًا في المذهب وأجاز مالك كله في المشهور عنه.
ومنعه الشافعي في أحد قوليه والحجة لمالك عموم الآية.
وأما بيع الحنطة مدروسة مع سنبلها فلا يجوز باتفاق في المذهب، وفي خارج المذهب اختلاف. ومن ذلك بيع المرابحة أجازه مالك وأصحابه وكرهه ابن عباس وجماعة من التابعين. وحجة مالك رحمه الله قوله تعالى: {وأحل الله البيع} وإذا قلنا بعموم الآية فجعلنا كل بيع جائزًا إلا ما قام الدليل عليه، فكذلك نجعل كل ما فيه ربا وهو الزيادة محظورًا إلا ما قام الدليل على

الصفحة 405