كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

جوازه. ونضبط في ذلك أصلًا فنقول: البيع يقع نقدًا ويقع نساء فأما بيع النقد، فيجوز التفاضل فيه والتماثل والبيع كيف يشاء ما لم يكن التبايع في الأثمان والأطعمة المقتاتة، فلا يجوز فيها التفاضل مع الجنسية، ولا يباع المثل منها إلا متساويًا. وإن اختلف التفاضل فيما سوى هذين القسمين جاز بيعه على الإطلاق، فيحصل من هذا أن التفاضل مع الاختلاف في بيع النقود يجوز على الإطلاق، والتفاضل مع التماثل يجوز إلا في ما قدمناه من الأثمان والمقتاتات. وقد ذهب بعضهم إلى أن لا ربا في النقد، وإنما الربا في النسيئة ورأى أن سياق الآية يدل على أن المذكور في كتاب الله تعالى، ربا النساء فقط فإنه قال: {فله ما سلف} {وذروا ما بقي من الربا} وقال: {وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم} [البقرة: 279] واحتجوا بالحديث: ((إنما الربا في النسيئة)) قالوا: فخص الربا بالنسيئة، وجعلوا ذلك بيانًا لقوله تعالى: {وحرم الربا} وهذا مذهب لا خفاء في فساده. ودليلنا على الجواز مع اختلاف الأجناس قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم)) ودليلنا على جواز التفاضل فيه بالمتماثلات فيما سوى الثمن والمقتاتات. قوله تعالى: {وأحل الله البيع} وأيضًا فلو كان التفاضل في سائر الأشياء ممنوعًا لم يكن حرام عليكم في كل شيء، ولكن لما نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع هذه الستة: ((الذهب بالذهب، الفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح إلا سواء بسواء عينًا بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى)). وخصه بنهيه دل على أن التحريم

الصفحة 406