كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

ليس بعام في جميع الأشياء. وإنما يبقى النظر في هذه الستة هل الربا في بيع النقد مقصور عليها، فيكون تحريمها غير معقول المعنى؟ أو يكون لتحريمها دون غيرها معنى فيطلب ذلك المعنى، فحيث وجد حرم قياسًا على الستة ودخل في عموم قوله تعالى: {وحرم الربا}. فأما أهل الظاهر فقصروا التحريم عليها وأباحوا التفاضل في سائر الأشياء سواها، واحتجوا بعموم قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا}. وهذا القول مبني على رأيهم في إنكار القياس. فأما جمهور العلماء المثبتون للقياس فإنهم طلبوا لذلك معنى وألحقوا به ما وافقه في ذلك المعنى، وخصصوا، وبينوا به قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} أما مالك فحرم التفاضل فيها لأمرين، وأما الذهب والفضة فلكونهما ثمنين. وأما الأربعة المطعومة فلكونها تدخر للقوت أو تصلح للقوت. وبعضهم يزيد في العلة أصلًا للمعاش غالبًا، وبعضهم يسقطه. وقد قدمنا أن ذلك كله مع تماثل الجنس. وأما الشافعي فوافقه على العلة في الذهب والفضة وخالفه في الأربعة، واعتقد أن العلة فيها كونها مطعومة. وأما أبو حنيفة فخالفهما في الجميع واعتقد أن العلة في الذهب والفضة الوزن وفي الأربعة الكيل. وأما سعيد بن المسيب فوافق مالكًا والشافعي في الذهب والفضة وخالف في الأربعة، واعتقد أن العلة فيها الكيل والوزن والطعم. فهي خمسة أقوال في تحرير علة منع التفاضل في هذه

الصفحة 407