كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

ويجوز بيع الأعمى وشراؤه إذا كان يعرف ما يوصف له سواء ولد أعمى أو كان بضيرًا فعمي. وقال الشافعي: لا يجوز إلا أن يكون بصيرًا فشاهد شيئًا ثم عمي فيجوز له بيع ذلك الذي شاهده ودليلنا قوله تعالى: {وأحل الله البيع} والربا ثابت بين المسلمين في دار الحرب كثبوته في دار المسلمين.
وقال أبو حنيفة: إذا أسلم فيها رجلان أو دخل فيها رجلان مسلمان فتبايعا بربًا جاز. ودليلنا قوله تعالى: {وحرم الربا}. واختلف في جواز الربا بين العبد وسيده، فلم يجزه ابن القاسم وأجازه ابن وهب، والحجة لابن القاسم عموم الآية المتقدمة. وإنما حرم الربا حراسة للأموال وحفظًا لها، ومصلحة بين الناس وذلك مما تمس الحاجة إليه وإذا صح هذا فالماء إذًا لا ربا فيه وهو ظاهر المذهب لان أصله مباح غير متشاح فيه، فكان مباينًا لموضوع المقصود بالربا. وفي المذهب قول آخر أن الربا يدخله. ووجه هذا القول أنه مما تقوم الأبدان بتناوله كالقوت. والبيع إذا كان ربًا فسخ على كل حال ما كان قائمًا، فإن كان فات فليس لصاحب رأس المال إلا رأس ماله قبض الربا أو لم يقبضه؟ وكذلك من أربى ثم تاب، فليس له إلا رأس ماله، وما قبض من الربا وجب عليه أن يرده إلى من قبضه منه، فإن لم يعلمه تصدق به عنه لقوله تعالى: {وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} وأما من أسلم وله ربا فإن كان قبضه فهو له لقوله عز وجل: {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف}. ولقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من أسلم على شيء فهو له)) وإن كان الربا لم يقبضه فلا يحل له أن يأخذه وهو موضوع

الصفحة 411