كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

قوله تعالى: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} [البقرة: 280].
اختلف الناس في هذه الآية، فذهب بعضهم إلى أنها ناسخة ما كان في أول الإسلام إذا لم يجد ما يقتضي به دينه يبيعه صاحب الدين ويستوفي منه دينه، فأنزل الله تعالى: {وإن كان ذو عسرة فنظرة} الآية. وجاء عن عبد الرحمن بن البيلماني قال: كنت بمصر، فقال لي رجل: ألا أدلك على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بلى. فأشار إلى رجل فجئته، فقلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا سُرق. فقلت: سبحان الله ما ينبغي أن تتسمى بهذا الاسم وأنت رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماني سُرَّقا. قال: لقيت رجلًا من أهل البادية ببعيرين له يبعهما فابتعتهما منه. وقلت له انطلق معي حتى أعطيك فدخلت بيتي ثم خرجت من خلف بيتي، وقضيت بثمن البعيرين حاجتي وتغيبت حتى ظننت أن الأعرابي قد خرج فخرجت والأعرابي مقيم فأخذني وقدمني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما حملك على ما صنعت؟ )) قال: قضيت بثمنها حاجتي يا رسول الله. قال: ((فاقضه)) قال: ليس عندي مال. قال: ((أنت سُرق، اذهب يا أعرابي فبعه حتى تستوفي حقك)) فجعل الناس يسومونه في ويلتفت إليهم فيقول: ((ما تريدون؟ )) فيقولون نريد أن نبتاعه منك ونعتقه. قال: ((فوالله ما منكم أحوج إليه مني اذهب فقد أعتقتك)) ثم

الصفحة 413