كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

نسخ الله تعالى هذا من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآية. فعلى هذا لا يجوز أن يباع الحر في الدين.
وقد ذهب قوم إلى أن الحر يباع في الدين وكأنهم لم يروا الآية ناسخة.
وذهب بعضهم في الآية إلى أنها نزلت في الربا كانوا يتعاملون به في الجاهلية فلما جاء الإسلام أمرهم الله عز وجل أن يأخذوا رؤوس أموالهم بلا زيادة فإن أعسر الذي عليه الدين فلينظر إلى أن يوسر. وعلى هذا القول يأتي قول من يقول: إن النظرة إلى ميسرة إنما هي موقوفة على أهل الربا خاصة دون سائر الديون خلافًا لقول الجمهور من أن ذلك عام في الديون كلها ربا كان أو غير ربا. فإذ ثبت عدم الذي عليه الدين فلينظر حتى يوسر. وعلى هذا القول، فلا يجوز أن يؤاجر الحر المعسر في الدين، وهو المشهور عن مالك خلافًا لأحمد بن حنبل في قوله إنه يؤاجر في الدين. وذكر الباجي عن مالك أنه يؤاجر إذا كان مثله يؤاجر. وعموم الآية حجة لمن لم ير ذلك. ولا يلازم أيضًا في الدين، فيدار معه كيف دار خلافًا لأبي حنيفة في قوله إنه يلازم والآية حجة عليه ولا يحبس أيضًا خلافًا لشريح ومن قال بقوله. وكان هؤلاء أخذوا في الآية بالقول الثاني الذي ذكرناه أنها في الربا وقد قرئ: ((وإن كان ذا عسرة)) قال بعضهم: على هذا تختص الآية بالربا، ومن قرأ: ((ذو عسرة)) فهي عامة في جميع من عليه الدين. وهذا الذي ذكروه غير لازم بل القراءتان كل واحدة منهما محتملة للتأويلين.

الصفحة 414