كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

اختلف الناس في أمره تعالى بالكتب هل هو منسوخ أم لا؟ فذهب أبو سعيد الخدري وغيره إلى أن ذلك منسوخ بعد ذلك: {فإن أمن بعضكم بعضًا فيؤد الذي اؤتمن أمانته}. وهذا القول مبني على أن الأمر بالكتب في الآية على الوجوب فنسخ وجوبه.
وذهب جماعة إلى أن الآية محكمة واختلفوا في التأويل فذهب جماعة إلى أن الأمر على الوجوب وأنه لم ينسخ، وأن كتب الديون واجب على أربابها. وذهب قوم إلى أن الأمر في الآية محمول على الندب لا على الوجوب. وقد روي عن ابن عباس أنه لما قيل له إن آية الدين منسوخة قال: والله إنها محكمة ما فيها نسخ. ومن مضمن القول بوجوب الكتب القول بوجوب الإشهاد. وقد قال به بعض علماء السلف. فقالوا: يجب الإشهاد فيما قل وجل، وفيما حل واُجِّل. وإليه ذهب داود وابنه أبو بكر. وإذا قيل: إن وجوب الكتب منسوخ فوجوب الإشهاد أيضًا منسوخ.
وقد روي ذلك عن أبي سعيد، والشعبي، والحسن.
وقوله سبحانه وتعالى: {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى} قال ابن عباس: نزلت في السلم خاصة. يعني أن سلم أهل المدينة كان سبب الآية. وقد اختلف الأصوليون في الكلام المستقل بنفسه الوارد على سبب

الصفحة 416