كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم} [المائدة: 106] وسيأتي الكلام على هذا في موضعه إن شاء الله تعالى. واختلف فيمن لا يعرف بعدالة ولا سخط، هل يحتمل على غير العدالة حتى تثبت عدالته أو على العدالة حتى يثبت فسقه؟ فذهب مالك والشافعي إلى أنه لا يقبل حتى تعرف عدالته. وذهب أبو حنيفة، والليث بن سعد، والحسن، إلى أنه مقبول حتى يعرف فسقه قال: ومجرد الإسلام يقتضي العدالة. وقد أجاز ابن حبيب شهادة من ظاهره العدالة بالتوسم فيما يقع بين المسلمين في الأسفار من المعاملات والتجارات والأكرية بينهم، وبين المكاريين مراعاة لهذا القول. وحكي ذلك عن مالك وأصحابه وهو خلاف قول ابن القاسم، وروايته عن مالك، أنه لم يجز شهادة الغرباء دون أن تعرف عدالتهم. وروي عن يحيى بن عمر أنه أجاز شهادة من لا تعرف عدالته في الشيء اليسير وذلك أيضًا استحسان. الحجة لقول مالك المتقدم قوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء} [البقرة: 282] وقال: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق: 2] فقد اعتبر الرضى والعدالة. وذلك معنى يزيد على الإسلام.
واختلف في شهادة الوالد لولده، والولد لوالده، والجد لولد ولده، وودل الولد لجده. فأجاز جماعة لعموم الآية ولم يجز الأكثر لأنها

الصفحة 422