كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

مخصصة من العموم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين)).
قال الزهري: كانوا فيما مضى يتأولون قوله عز وجل: {يا أيها اذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} [النساء: 135] ولم يكن يتهم في سلف الأمة والد، ولا ولد ولا زوجة ولا زوج، ثم دخل الناس فتركنا شهادتهم.
واختلف في شهادة أحد الزوجين لصاحبه، فمنعها الجمهور وأجازها الشافعي. وقال الشعبي: تجوز شهادة الرجل للمرأة، ولا تجوز شهادة المرأة لزوجها. وأخذ ابن المنذر بقول الشافعي لقوله تعالى: {ممن ترضون من الشهداء} الآية. قال: ولا نعلم حجة توجب استثناء الزوج والزوجة من الآية. ودليلنا عليه قوله تعالى: {خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم: 21] فنبه على أن التهمة حاصلة بين الزوجين في غالب الطباع، لأن الإنسان يحب نفع زوجته ويهوى هواها وينتفع بمالها. وقال مالك فيما حكى عنه ابن حبيب: وتجوز شهادة ن وراء هؤلاء من القرابات. وهذا يقتضي جواز شهادة الأخ لأخيه وابن أخيه وهي رواية ابن القاسم. وقال غيره من أصحابنا لا تجوز على الإطلاق وإنما تجوز على شرط. واخلتف في الشرط ما هو؟ ففي ((كتاب ابن المواز)) لا تجوز الشهادة إلا أن يكون مبرزًا. وقيل: إذا لم تنله صلته. وقال أشهب: تجوز في اليسير دون الكثير إلا أن يكون مبرزًا

الصفحة 423