كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

فتجوز في الكثير [أيضًا].
واختلف أيضًا في المذهب في شهادة الرجل لابن امرأته، ولأبيها والمرأة لابن زوجها، وفي شهادة الرجل لزوج ابنته، ولزوج ابنه. فلم يجز ذلك ابن القاسم، وأجزه سحنون. ويختلف في شهادة الصديق الملاطف فلم يجزها مالك إذا كان تناله صلته، وأجازها الشافعي وأبي حنيفة. وأصل النزاع في هذه المسائل عموم الآية المتقدمة ذكرها، والتخصيص بالتهمة لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين)). فمن لم ير التهمة مؤثرة أخذ بعموم الآية فأجاز الشهادة، ومن رأى التهمة مؤثرة خصص عموم الآية بالحديث المذكور على اختلاف بين الأصوليين في مثل هذا التخصيص. ويؤخذ من هذه الآية، ومن إجماع أهل العلم أن شهادة الرجل لنفسه لا تجوز. ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام-: ((البينة على الدعي واليمين على من أنكر)) إلا أنه اختلف في هذا الأصل في مسائل منها إذا شهد الشاهد في وصيته له فيها بشيء يسير فشهد فيها لنفسه ولغيره.
فقيل: لا تجوز وقيل: تجوز والقولان عن مالك. وقيل: تجوز لغيره ولا تجوز له، وإن كان الذي أوصى له فيها كثيرًا لم تجز له باتفاق، واختلف في جوازها لغيره على قولين في المذهب. ومنها إذا شهد الشاهدان بدين لغيرهما ولهما فيه يسير هل تجوز للأجنبي أم لا؟ فعن مالك فيها قولان، وظاهر الآية يقتضي أن ل تجوز شهادة الرجل لنفسه لا في وصية ولا في غيرها إذ لا فرق بين الشهادة في الدين أو في الوصية، لأن الله تعالى أمر بالاستشهاد. ولو جازت شهادة الرجل لنفسه في شيء لم يكن للأمر

الصفحة 424