كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 1)

عليه ليس بمرضي فلم يجز شهادته لذلك. واختلف في شاهد الزور إذا تاب هل تقبل شهادته أم لا؟ ففي المذهب قولان الأظهر منهما. وهو قول مالك أنه لا تجوز شهادته أبدًا لأنه قد لزمته أصل السخطة وصار غير مرضي ولا يوصل إلى حقيقة ما في نفسه إذا تاب في الظاهر فيبقى ما لزمه من السخطة، والله تعالى إنما شرط في الشهداء الرضى. واختلف في شهادة الكافر والفاسق والصبي والعبد بعد زوال العلل المانعة من قبولهم. وقد كانت ردت قبل ذلك فلم يجزها مالك، وأجازها الشافعي، وأبو حنيفة إلا شهادة الفاسق. قال أبو حنيفة: وكذلك شهداة أحد الزوجين لصاحبه إذا ردت ثم شهد بعد زوال الزوجية. وكذلك شهادة الأجير لمن استأجره. وأجاز داود شهادتهم كلهم. وظاهر الآية يقتضي الجواز. ولكن في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يقضي على ذلك وهو قوله: ((لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين)). واختلف في الشهود إذا شهدوا عند الحاكم فلم تنفذ شهادتهم حتى ظهر منهم فسق، هل يعمل بشهادتهم أم لا؟ ودليل من لم يجزها قوله تعالى: {ممن ترضون من الشهداء} وهؤلاء يرضون. واختلف في شهادة العدو على عدوه، فلم يجزها مالك والشافعي، وأجازها أبو حنيفة، وحجة المنع قوله تعالى: {ممن ترضون من الشهداء} وقوله -عليه السلام-: ((لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين)) وروي: ((ولا ذي غمر على أخيه)).

الصفحة 431