كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 1)

أحسن الناس خلقاً؛ على أنه الإمام المتبوع. صلوات الله وسلامه عليه، كان من أحسن الناس خلقاً، وألينهم بأصحابه، واشدهم تحببا إليهم.
فجاءه يعوده، فقال: يا رسول الله: ((إني قد بلغ بي من الوجع ما تري)) أي: اصابه الوجع العظيم الكبير.
((وأنا ذو مال كثير أوكبير)) أي: أن عنده مالاً كبيراً
((ولا يرثني إلا ابنة لي)) أي: ليس له ورثة بالفرض إلا هذه البنت.
((أفأتصدق بثلثي مالي)) يعني بثلثيه: اثنين من ثلاثة!
((قال: لا قلت: الشطر يا رسول)) أي: بالنصف.
((قال: لا: قلت: بالثلث قال: الثلث والثلث كثير)) .

فقوله: ((أفأتصدق)) أي أعطيه صدقة؟ فمنع النبي صلي الله عليه وسلم من ذلك؛ لأن سعداً في تلك الحال كان مريضاً مرضاً يخشي منه الموت، فلذلك منعه الرسول صلي الله عليه وسلم أن يتصدق بأكثر من الثلث.
لأن المريض مرض الموت المخوف لا يجوز أن يتصدق بأكثر من الثلث، لأن ماله قد تعلق به حق الغير؛ وهم الورثة. أما من كان صحيحاً ليس فيه مرض، أو فيه مرض يسير لا يخشي منه الموت، فله أن يتصدق بما شاء؛ بالثلث، أو بالنصف، أو بالثلثين، أو بماله كله، لا حرج عليه.
لكن لا ينبغي أن يتصدق بماله كله؛ إلا إن كان عنده شيء يعرف أنه سوف يستغني به عن عباد الله.
المهم أن الرسول صلي الله عليه وسلم منعه أن يتصدق بما زاد عن الثلث.
وقال: ((الثلث والثلث كثير - أو كبير)) وفي هذا دليل علي أنه إذا

الصفحة 43