كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 1)

وجه الله إلا زادت به عن الله درجة ورفعة.
يعني: لو فرض أنك خلفت ولم تتمكن من الخروج من مكة، وعملت عملاً تبتغي به وجه الله؛ فإن الله تعالي يزيدك به رفعة ودرجة، رفعة في المقام والمرتبة، ودرجة في المكان.
فيرفعك الله عز وجل في جنات النعيم درجات. حتى لو علمت بمكة وأنت قد هاجرت منها.
ثم قال النبي صلي الله عليه وسلم: ((ولعلك أن تخلف)) أن تخلف: هنا غير أن تخلف الأولي ((لعلك أن تخلف)) : أي تعمر في الدنيا؛ وهذا هو الذي وقع فإن سعد ابن أبي وقاص عمر زماناً طويلاً، حتى إنه- رضي الله عنه- كما ذكر العلماء، خلف سبعة عشر ذكراً واثنتي عشر بنتاً.
وكان في الأول ليس عنده إلا بنت واحدة، ولكن بقي وعمر ورزق أولاداً. سبعة عشر ابنا واثنتي عشرة ابنة.
قال: ((ولعلك أن تخلف)) ((حتى ينتفع بك أقواماً ويضر بك آخرون)) وهذا الذي حصل، فإن سعداً _ رضي الله عنه - خلف وصار له أثر كبير في الفتوحات الإسلامية، وفتح فتوحات عظيمة كبيرة، فانتفع به أقوام وهم المسلمون، وضربه آخرون وهم الكفار.
ثم قال النبي صلي الله عليه وسلم: ((اللهم أمض لأصحابي هجرتهم)) سأل الله أن يمضي لأصحابه هجرتهم وذلك بأمرين:
الأمر الأول: ثباتهم على الإيمان؛ لأنه إذا ثبت الإنسان على الإيمان ثبت على الهجرة.

الصفحة 46