كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 1)

وجل:) وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام: 108) فالمهم إنه ينبغي أن نعلم أن الشيء قد يكون حسناً في حد ذاته وفي موضوعه، لكن لا يكون حسناً، ولا يكون من الحكمة، لا من العقل، ولا من النصح، ولا من الأمانة أن يذكر في وقت من الأوقات، أو في مكان من الأماكن، أو في حال من الأحوال، وإن كان هو في نفسه حقا وصدقاً وحقيقة واقعة، ومن ثم كان ينبغي للإنسان أن يستشير ذوي العلم والرأي والنصح في الأمر قبل أن يقدم عليه، حتى لا يكون لديه برهان، لأن الله قال لأشرف خلقه - عليه الصلاة والسلام- وأسدهم رأياً، وأبلغهم نصحاً محمد صلي الله عليه وسلم قال:) فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ

فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه) (آل عمران: من الآية159) .
هذا وهو رسول الله صلي الله عليه وسلم أسد الناس رأياً، وأرجحهم عقلاً، وأبلغهم نصحاً صلوات الله وسلامه عليه.
والإنسان ربما تأخذه العطفة فيندفع، ويقول: هذا لله، هذا أنا أفعله، ستصدع بالحقن سأقول: سوف لا تأخذني في الله لومة لائم وما أشبه ذلك من الكلام، ثم تكون العاقبة وخيمة، ثم إن الغالب أن الذي يحكم العاطفة، ويتبع العاطفة، ولا ينظر للعواقب، ولا للنتائج، ولا يقارن بين الأمور، الغالب أنه يحصل علي يديه من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، مع أن نيته طيبة، وقصده حسن، لكن لم يحسن أن يتصرف، لأن هناك فرقاً بين حسن النية وحسن التصرف، قد يكون الإنسان حسن

الصفحة 53