كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 1)

النية، لكنه سيء التصرف، وقد يكون سيء النية، والغالب أن سيء النية يكون سيء التصرف، لكن مع ذلك: قد يحسن التصرف لينال غرضه السيء.

فالإنسان يحمد على حسن نيته، لكن قد لا يحمد علي سوء فعله، إلا أنه إذا علم منه أنه معروف بالنصح والإرشاد النبي صلي الله عليه وسلم فإنه يعذر بسوء تصرفه، ويلتمس له العذر، ولا ينبغي أيضاً أن يتخذ من فعله هذا، الذي لم يكن موافقاً للحكمة- لا ينبغي، بل لا يجوز - أن يتخذ منه قدح في هذا المتصرف، وأن يحمل ما لا يتحمله، ولكن يعذر ويبين له وينصح ويرشد، ويقال: يا أخي هذا كلامك، أو فعلك حسن طيب وصواب في نفسه، لكنه غير صواب في نحله أو في زمانه، أو في مكانه.
المهم أن في حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - إشارة إلي أنه ينبغي للإنسان أن يستشير من هو أكمل منه رأياً، وأكثر منه علما.
وفيه أيضاً من الفوائد: أنه ينبغي للمستشير ان يذكر الأمر على ما هو عليه حقيقة، وأسبابه، وموانعه وجميع ما يتعلق به، حتى يتيبن للمستشار حقيقة الأمر، ويبني مشورته على هذه الحقيقة، ولهذا قال سعد: ((إني ذو مال ولا يرثني إلا ابنة)) فقوله: ((إني ذو مال)) بيان لسبب العطية التي يريد أن يعطيها ((ولا يرثني إلا ابنة لي)) بيان لانتفاء المانع، يعني لا مانع من أن أعطي كثيراً لانتفاء الوارث.

والمستشار، عليه أن يتقي الله - عز وجل- فيما أشار فيه، وأن لا تأخذه العطفة في مراعاة المستشير؛ لأن بعض الناس إذا استشاره

الصفحة 54