كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 1)

الجمل، ودعا له، وقال: ((بغنيه بأوقية)) فقال جابر: لا، ولم ينكر عليه الرسول عليه الصلاة والسلام قوله ((لا)) والنبي عليه الصلاة والسلام هنا عند ما قال له سعد: أتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا إذن: فلا مانع من كلمة ((لا)) فإنها ليست سوء أدب وخلق، وكثير من الناس الآن يأنف أن يقول ((لا)) ويقول بدلاً عنها سلامتك، وهذا طيب أن تدعو له بالسلامة، لكن إذا قلت ((لا)) فلا عيب عليك.

ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز للمريض مرضاً مخوفاً أن يعطي أكثر من الثلث إلا إذا أجازه الورثة؛ لأن الورثة تعلق حقهم بالمال لما مرض الرجل، فلا يجوز أن يعطي أكثر من الثلث، لقول النبي صلي الله عليه وسلم في الثلثين: لا، وفي النصف: لا، وقال: ((الثلث والثلث كثير)) .
وفيه: دليل على أنه ينبغي أن يكون عطاؤه أقل من الثلث، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: أن الناس غضوا من الثلث إلي الربع لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ((الثلث والثلث كثير)) .
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز للإنسان إذا كان مريضاً مرضاً يخشي منه الموت أن يتبرع بأكثر من الثلث من ماله، لا صدقة، ولا مشاركة في بناء مساجد، ولا هبة، ولا غير ذلك. لا يزيد علي الثلث لأن النبي صلي الله عليه وسلم منع سعد بن أبي وقاص أن يتصدق بما زاد عن الثلث.

الصفحة 56