كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 1)

EXهذا الحديث يدل على ما يدل عليه قول الله تعالي:) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم) (الحجرات: من الآية13) .

فالله سبحانه وتعالي لا ينظر إلي العباد إلي أجسامهم هل هي كبيرة أو صغيرة، أو صحيحة، أو سقيمة، ولا ينظر إلي الصور، هل هي جميلة أو ذميمة، كل هذا ليس بشيء عند الله، وكذلك لا ينظر إلي الأنساب؛ هل هي رفيعة أو دنيئة، ولا ينظر إلي الأموال، ولا ينظر إلي شيء من هذا أبدا، فليس بين الله وبين خلقه صلة إلا بالتقوي، فمن كان لله أتقي كان من الله أقرب، وكان عند الله أكرم؛ إذا لا تفتخر بمالك، ولا بجمالك، ولا ببدنك، ولا بأولادك، ولا بقصورك، ولا سياراتك، ولا بشيء من هذه الدنيا أبدا إنما إذا وفقك الله للتقوى فهذا من فضل الله عليك فأحمد الله عليه قوله عليه الصلاة والسلام: ((ولكن ينظر إلي قلوبكم)) فالقلوب هي التي عليها المدار، وهذا يؤيد الحديث الذي صدر المؤلف به الكتاب؛ ((إنما الأعمال بالنيات))
القلوب هي التي عليها المدار، كم من إنسان ظاهر عمله أنه صحيح وجيد وصالح، لكن لما بني على خراب صار خراباً، فالنية هي الأصل، تجد رجلين يصليان في صف واحد، مقتدين بإمام واحد، يكون بين صلاتيهما كما بين المشرق والمغرب؛ لأن القلب مختلف، أحدهما قلبه غافل، بل ربما يكون مرائيا في صلاته- والعياذ بالله - يريد بها الدنيا.

الصفحة 61