كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 1)

والآخر قلبه حاضر يريد بصلاته وجه الله واتباع سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم.
فبينهما فرق عظيم، فالعمل على ما في القلب، وعلي ما في القلب يكون الجزاء يوم القيامة؛ كما قال الله تعالي:) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ) (الطارق: 8) (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) (الطارق: 8/9) أي: تختبر السرائر لا الظواهر. في الدنيا الحكم بين الناس على الظاهر؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: ((إنما أنا بشر وإنكم تختصمون، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وأقضي له على نحو مما أسمع لكن في الآخرة على ما في السرائر، نسأل الله أن يطهر سرائرنا جميعاً.
العلم على ما في السرائر: فإذا كانت السريرة جيدة صحيحة فأبشر بالخير، وإن كانت الأخرى فقدت الخير كله، وقال الله عز وجل:) أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ) (وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ) (العاديات9/10) فالعلم على ما في القلب. وإذا كان الله تعالي في كتابه، وكان رسوله صلي الله عليه وسلم في سنته يؤكدان على إصلاح النية؛ فالواجب على الإنسان أن يصلح نيته، يصلح قلبه، ينظر ما في قلبه من الشك فيزيل هذا الشك إلي اليقين. كيف؟ وذلك بنظره في الآيات:) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران: 190)

الصفحة 62