كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 1)

وغلمانه فِي أَعماله، وَقَدَّمَهُمْ على الْعَرَب، فاقتدى بِهِ من بعده من الْخُلَفَاء، حَتَّى سَقَطت قيادات الْعَرَب، وزالت رياستها، وَذَهَبت مراتبها. كَانَ قد نظر فِي الْعلم، فكثرت فِي أَيَّامه رِوَايَات النَّاس واتسعت علومهم، فَقَامَ بعده ابْنه الْمهْدي أَبُو عبد الله مُحَمَّد مُدَّة عشر سِنِين وَشهر وَنصف، وَكَانَ سخيا جوادا، فسلك النَّاس فِي ذَلِك مسلكه، واتسعوا فِي مَعَايشهمْ، وأمعن فِي قتل الْمُلْحِدِينَ لظهورهم فِي أَيَّامه، وانشاء كتبهمْ، وَهُوَ أول من أَمر بتصنيف كتب الجدل فِي الرَّد على الزَّنَادِقَة والملحدين، فصنفت فِي أَيَّامه، وَعمر مَسْجِد مَكَّة وَالْمَدينَة والقدس. ثمَّ ولى بعده ابْنه الْهَادِي بِاللَّه أَبُو مجمد مُوسَى سنة وَثَلَاثَة أشهر، وَكَانَ جبارا، وَهُوَ أول من مشت الرِّجَال بَين يَدَيْهِ بِالسُّيُوفِ المرهفة، والأعمدة المشهرة، والقسى الموترة، فاقتدى بِهِ عماله، وَكثر السِّلَاح فِي محضره فَقَامَ بعده أَخُوهُ هَارُون بن مُحَمَّد الرشيد مُدَّة ثَلَاث وَعشْرين سنة وشهرين وَثَمَانِية عشر

الصفحة 117